أجرأة الدعم المؤسساتي بمؤسسات الريادة بسلك التعليم الابتدائي
![]() |
أجرأة الدعم المؤسساتي بمؤسسات الريادة بسلك التعليم الابتدائي . |
منهجية الدعم المؤسساتي في مدارس الريادة نحو تعليم ابتدائي دامج وفعال
يشكل الدعم المؤسساتي ركيزة أساسية في منظومة التربية والتكوين، حيث يمثل استراتيجية متكاملة تهدف إلى تحقيق الإنصاف وضمان جودة التعلمات. وفي إطار مؤسسات الريادة، يكتسي هذا الدعم أهمية خاصة باعتباره آلية فعالة لتجاوز التعثرات الدراسية وتقليص الفجوات التعليمية. وتشير الإحصائيات الوطنية إلى أن نسبة كبيرة من المتعلمين يواجهون صعوبات تعليمية تستدعي تدخلاً داعماً، مما يؤكد الحاجة الملحة لتفعيل برامج الدعم المؤسساتي بشكل منهجي ومدروس.
تمثل مؤسسات الريادة جزءًا محوريًا من خارطة الطريق الإصلاحية التي تهدف إلى تحسين جودة التعليم العمومي في المغرب للفترة 2022-2026. من بين التدابير الرئيسية التي تم تبنيها هو تفعيل برنامج الدعم المؤسساتي الذي يهدف إلى تحسين مكتسبات التلاميذ وتقليص نسب الهدر المدرسي.
الإطار المرجعي للدعم المؤسساتي
الدعم المؤسساتي يرتكز على مجموعة من المراجع الرسمية. تأتي المراسلة الوزارية رقم 4453 بتاريخ 29 نونبر 2024 لتفعيل استخدام نظام "مسار"، مما يسهل عملية صرف التعويضات عن الساعات الإضافية. كما تدعم مذكرة إطار رقم 22/23 الصادرة في مايو 2023 المشروع بشكل شامل، حيث تحدد أهدافه وتنظيمه.
أهداف البرنامج:
يركز برنامج الدعم المؤسسي على تعزيز المهارات التعليمية للتلاميذ، حيث يسعى إلى تمكينهم من التحكم في المهارات الأساسية في مواد اللغة العربية والرياضيات واللغة الفرنسية. ويهدف البرنامج أيضًا إلى تحقيق نسبة تحكم تصل إلى 80% في هذه المواد بحلول نهاية السنة الدراسية 2024. كما يسعى البرنامج إلى تقليص الفجوة بين التلاميذ من خلال تحقيق فصول دراسية متقاربة من حيث مستوى الأداء، مع تحسين كفاءة التدريس عبر توفير الدعم المستمر للأساتذة لضمان جودة العملية التعليمية.
الفئات المستهدفة:
يستهدف الدعم المؤسساتي بشكل رئيسي تلاميذ المستويات من الثالث إلى السادس ابتدائي، إضافة إلى تلاميذ المستويين الأول والثاني إذا سمحت البنية المادية وعدد المنخرطين بذلك. يركز البرنامج على التلاميذ غير المتحكمين بشكل كبير في التعلمات الأساسية، خاصة في مواد اللغة العربية، اللغة الفرنسية، والرياضيات.
منهجية التنفيذ:
تعتمد منهجية تنفيذ البرنامج على التقييم التشخيصي، حيث يتم إعداد تقارير دورية عن مستوى تقدم التلاميذ في المهارات الأساسية. بناءً على هذه التقييمات، يتم وضع خطط تدريس مخصصة لكل فئة من التلاميذ. يتم متابعة هذه الخطط من خلال اجتماعات دورية مع مديري المؤسسات والأطر التربوية لتقييم فعالية التدخلات. ولضمان الالتزام وتحفيز الأداء، يتم تقديم تعويضات للجهات الفاعلة في البرنامج.
إعداد وتنفيذ الدعم
يتطلب الدعم المؤسساتي تخطيطًا محكمًا لضمان تحقيق النتائج المرجوة. يبدأ هذا الإعداد بتوفير أدوات الدعم المناسبة، مثل كراسات الأنشطة الخاصة، واعتماد وسائل تعليمية ملائمة لتلبية احتياجات التلاميذ. ويتم عقد اجتماعات بين الفرق التربوية لتنسيق الجهود ووضع خطة عمل واضحة. كما يتم إشراك أولياء الأمور من خلال حملات تحسيسية للتأكيد على أهمية دورهم في دعم أبنائهم أثناء فترة الاستفادة من البرنامج.
في مرحلة التنفيذ، يتم تشكيل مجموعات دعم متجانسة من التلاميذ بناءً على نتائج التقييمات التشخيصية. يتم تحديد عدد التلاميذ في كل مجموعة حسب درجة احتياجهم للدعم. تُخصص حصص أسبوعية محددة لكل مادة دراسية: ساعتان للغة العربية، وساعة واحدة لكل من الرياضيات واللغة الفرنسية. وتُدار هذه الحصص باستخدام برمجة زمنية تضمن تغطية شاملة لمواضيع الدعم.
كما يتم تهيئة الفضاءات التربوية المناسبة وتجهيزها بالوسائل التعليمية الضرورية لضمان فعالية عملية الدعم.
التتبع والتقييم
يعتمد البرنامج على أدوات تقييم دورية مثل الروائز البعدية التي تُستخدم لقياس تقدم التلاميذ.
كما يتم توثيق جميع الأنشطة التعليمية لضمان تحقيق الأهداف المحددة من خلال :
مذكرة يومية.
بطاقات النشاط.
شبكات تتبع الأداء.
سجلات الحضور والغياب.
أدوار الفاعلين
يقوم الأساتذة بتقديم حصص الدعم باستخدام الأساليب التربوية المعتمدة، بينما تضطلع الإدارة التربوية بدور تنسيق الجهود بين الأطراف المعنية وضمان تتبع الأنشطة. من جانبهم، يساهم المفتشون التربويون في مراقبة جودة الأنشطة وتقديم الدعم اللازم لضمان تحقيق النتائج المرجوة.
يتوزع تنفيذ برنامج الدعم المؤسساتي بين مختلف الفاعلين:
الأساتذة: تقديم الأنشطة التعليمية وفقًا للطرق التربوية الحديثة.
الإدارة التربوية: التنسيق العام ومتابعة تنفيذ البرنامج.
المفتشون التربويون: الإشراف على جودة التنفيذ وتقديم التوجيه اللازم.
طلبة الإجازة في التربية وطلبة تأهيل أطر التدريس: يمكن الاستعانة بهم بعد خضوعهم لتكوين خاص تحت إشراف أساتذة معتمدين.
تنظيم مجموعات الدعم:
يعتمد تنظيم مجموعات الدعم على مبدأ التجانس في المستوى والحاجيات التربوية. حيث يتم تقسيم المتعلمين إلى مجموعات صغيرة لا يتجاوز عدد أفرادها عشرة متعلمين، مما يسمح بتقديم دعم مخصص ومكيف مع احتياجات كل مجموعة.
وتتميز هذه المجموعات بالمرونة في تشكيلها، إذ يمكن إعادة توزيع المتعلمين حسب تطور مستواهم وتقدمهم الدراسي.
تدبير أنشطة الدعم:
تتنوع الأنشطة التعليمية المعتمدة في برنامج الدعم المؤسساتي لتشمل تمارين تطبيقية، وألعاباً تربوية، وأنشطة تفاعلية باستخدام الوسائط الرقمية. ويتم اعتماد مبدأ التدرج في تقديم المعارف والمهارات، حيث يتم الانطلاق من المكتسبات الأساسية قبل الانتقال إلى المستويات الأكثر تعقيداً.
كما يتم إجراء تقويمات مرحلية منتظمة لقياس مدى تقدم المتعلمين وتعديل الأنشطة وفقاً لذلك.
المتابعة والتقييم:
يحظى نظام المتابعة والتقييم بأهمية بالغة في برنامج الدعم المؤسساتي، حيث يتم إعداد تقارير دورية مفصلة تتضمن ملاحظات حول تقدم كل متعلم. وتعقد اجتماعات منتظمة بين أعضاء الفريق التربوي لمناقشة النتائج المحققة وتبادل الخبرات حول أنجع السبل لتطوير البرنامج. كما يتم الحرص على التواصل المستمر مع أولياء الأمور لإطلاعهم على تطور مستوى أبنائهم وإشراكهم في العملية التربوية.
ولضمان جودة التدخلات، يستفيد المدرسون من تكوينات مستمرة في مجال تقنيات الدعم التربوي وأساليب التدريس الحديثة.
نظام التحفيز والتعويض:
يشكل نظام التحفيز والتعويض عنصراً حيوياً في استدامة برنامج الدعم المؤسساتي ونجاحه. ويتجلى ذلك في تخصيص تعويضات مالية عادلة للأطر التربوية المشاركة في البرنامج، تتناسب مع حجم المجهودات المبذولة والساعات الإضافية المخصصة للدعم.
التحديات والصعوبات:
يواجه تنفيذ برنامج الدعم المؤسساتي مجموعة من التحديات الواقعية التي تتطلب معالجة دقيقة. فمن جهة، تشكل محدودية الموارد المالية والمادية عائقاً أمام توسيع نطاق البرنامج وتطوير أنشطته. ومن جهة أخرى، يمثل ضغط الزمن المدرسي تحدياً في تنظيم حصص الدعم دون التأثير على السير العادي للدراسة.
كما أن تفاوت مستويات المتعلمين وتنوع احتياجاتهم يتطلب جهداً إضافياً في التخطيط والتنفيذ. إضافة إلى ذلك، تطرح مسألة استمرارية البرامج وضمان تتبعها على المدى البعيد إشكالية حقيقية تستدعي حلولاً مبتكرة.
آفاق التطوير:
لمواجهة التحديات السابقة ولتطوير برنامج الدعم المؤسساتي، يمكن اقتراح مجموعة من الحلول المستقبلية. فعلى المستوى المادي، يمكن تعزيز الشراكات مع المؤسسات المجتمعية والقطاع الخاص لتوفير موارد إضافية.
كما يمكن الاستفادة من التكنولوجيا الرقمية في تقديم بعض أنشطة الدعم عن بعد، مما يساهم في تجاوز إكراهات الزمن المدرسي. ويعد تطوير برامج التكوين المستمر للمدرسين وتقوية آليات التتبع والتقييم من الأولويات التي تضمن تحسين جودة التدخلات وفعاليتها.
استراتيجية الدعم المؤسساتي آلية لتجويد التعلمات في مؤسسات الريادة
يمثل الدعم المؤسساتي في مؤسسات الريادة استثماراً استراتيجياً في مستقبل المتعلمين والمنظومة التربوية ككل. ويتطلب نجاح هذا المشروع التربوي الطموح التزاماً جماعياً من جميع الفاعلين التربويين، من مدرسين وإداريين ومفتشين وأولياء أمور.
كما يستدعي توفير الموارد اللازمة وتطوير آليات التنفيذ بشكل مستمر. وتبقى تجربة مؤسسات الريادة في مجال الدعم المؤسساتي نموذجاً يحتذى به في تطوير الممارسات التربوية وتحسين جودة التعلمات، مما يسهم في تحقيق الأهداف الاستراتيجية للمنظومة التربوية الوطنية.
مذكرة وزارية 4734/24 في شأن أجرأة الدعم المؤسساتي بمؤسسات الريادة